كثيراً ما نسمع عن مفهوم إفلاس الشركات، البارحة كانت الشركة ناجحة وتحقق ملايين الأرباح، كيف بغمضة عين يمكن أن تتحول لكيان هش لهذه الدرجة، هل يعني الإفلاس نهاية نظام الشركة بأكمله ولن تقوم له قومه ثانيتاُ، هل يمكن لشركة ذات كيان ضخم واسم في السوق أن تعجز عن دفع رواتب موظفيها، هل سوء الإدارة هو السبب، أم أن هناك عوامل أخرى أدت للإفلاس، ضعف التخطيط المالي مثلاً، هل التأثيرات الاقتصادية وتقلبات السوق تؤدي بالإفلاس، هل يمكن تفادي هذا الأمر في المستقبل.
معرفة الأسباب تجعلنا نضع الخطط، فإن كنت مقبل على إنشاء شركة أو مستثمر لديك أزمات فعلية فيها أو أنك صاحب مشروع وترغب في التوسع، المعلومات الواردة في المقال التالي هي حبل النجاة بالنسبة لك، تابع السطور القادمة لتتعرف عليها.
مفهوم إفلاس الشركات في النظام السعودي
إن كنت ترغب في معرفة مفهوم إفلاس الشركات، فدعنا نضرب مثال لشركة ناجحة جداً ولديها مئات الموظفين وعقود بمئات الريلات، طرأت مجموعة من الأسباب جعل منها كيان هش غير قادر على الالتزام بالفواتير المالية ولا تسديد رواتب الموظفين ولا حتى الالتزام تجاه الموردين، وهنا لم تعد الشركة تملك السيولة الكافية لتستمر، في هذه الحالة ستقدم على طلب إفلاس للمحكمة التجارية السعودية.
في النظام السعودي، لا تعتبر الشركة التي تعلن إفلاسها هي شركة فشلت في تسديد ديونها بل هي كيان قانوني واجه مشكلة ولجأ للقانون ليتولى هو عملية السداد وإيجاد حلول يضمن بها حصول طرفي النزاع على حقوقهم بشكلٍ كامل.
المحكمة تقوم باتخاذ قرار وتولي في تنفيذه للجنة تدعى لجنة الإفلاس، وهي تتخذ مجموعة من الحلول بناءً على قرار من المحكمة والتي في العادة تكون قراراتها بشأن نظام إفلاس الشركات واحد من ثلاثة:
- إما إعادة التنظيم المالي بحيث تمنح الشركة فرصة لإعادة هيكلة الديون الخاصة بها حتى تستمر في مزاولة أعمالها من جديد.
- أو التسوية الوقائية والتي هي محاولة اتفاق ودية بين الشركة والديانه.
- في حال انقطع الأمل في قيام الشركة فإن تلك الحالة تعني التصفية النهائية حيث تباع أصول الشركة لتسديد الديانة وتشطب بشكل نهائي من السجل التجاري.
أسباب إفلاس الشركات في السعودية
السؤال الأبرز الذي يجعلنا نقوم باستعراض الأسباب وراء إفلاس الشركات هو ” لماذا تفشل بعض الشركات في السعودية رغم قوتها” هل يرجع الأمر لسوء من الإدارة أم التحديات الإقتصادية، في الحقيقة لا يحدث الأمر بسبب عامل واحد بل هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي للإفلاس والتي هي:
-
سوء الإدارة المالية والتخطيط غير السليم
غياب التحليل المالي الدقيق لاتجاه السوق والاعتماد على توقعات ليست واقعية حول الربح أو النمو يؤدي لعدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية وهو ما يؤدي للإفلاس.
-
ضعف الإدارة التشغيلية
إن القرارات الإدارية غير المدروسة تؤدي لارتفاع التكاليف وانخفاض المبيعات، ضعف الإدارة أيضاً يشمل غياب الهيكل التنظيمي ، هذا الأمر يؤدي لانخفاض جودة المنتجات وخسارة العملاء لصالح المنافس وتفاقم الخسائر التشغيلية النقدية.
-
الأزمات الاقتصادية
من أبرز الأزمات الاقتصادية في السعودية، تقلبات أسعار النفط وتأثيرها في الاقتصاد وتغيرات في الضرائب والقوانين تؤثر على التكاليف التشغيلية وانخفاض في الطلب على المنتجات أو الخدمات.
-
مشاكل التمويل والاقتراض
واحد من الأسباب الرئيسية لإفلاس الشركات هي اللجوء للقروض الكبيرة دون تخطيط لعملية سداد واضحة، مشاكل التمويل أيضاً تشمل الاعتماد على التمويل الخارجي دون توليد دخل كافي لتغطية الفوائد والإفراط في منح التسهيلات للعملاء دون ضمانات كافية.
يؤدي ذلك ارتفاع في الفوائد البنكية وتراكم الدين والضغط المالي يؤدي لعدم القدرة على دفع الرواتب وزيادة المطالبات القانونية ضد الشركة من قبل الدائنين.
-
التوسع غير المدروس
إن محاولة دخول أسواق جديدة دون دراسة جدوى وتقديم المنتجات أو الخدمات التي لا تتماشى مع الطلب الفعلي في السوق وتوزيع الموارد بشكل غير متزن يؤدي كل هذا لإفلاس الشركات.
ينتج عن كل تلك السلبيات مشاكل مثل استنزاف السيولة في المشاريع الغير ربحية وانخفاض جودة الخدمات الأساسية التي قد تحقق أرباح وزيادة في الضغوطات المالية الموزعة على مشاريع متعددة.
-
التغيرات التشريعية واللوائح التنظيمية
إن وجود ضرائب مطبقة بشكل جديد وزيادة الرسوم التشغيلية والتغيرات التي تخص قوانين العمل والشروط الجديدة للحصول على تمويل جديد، كلها لها تأثيرات تؤدي في بعض الأحيان للإفلاس ومن بين التأثيرات عدم القدرة على التكيف مع المتطلبات القانونية الجديدة، التأثيرات أيضاً تشمل ارتفاع كبير في التكاليف التشغيلية وهو ما يؤدي لتأكل في الربح.
-
مواكبة السوق
في كثير من الأحيان تخرج لنا شركة تصنع مثلاً منتج معين، يأتي منتج أخر بمزيد من الحلول الإبتكارية ليغطي على المنتج الأول وينتشر بشكل أكبر من المنتج الأول، عجز الشركة في تلك النقطة عن تقديم منتج بمواصفات تشبه المنتج المنافس أو تغطي عليه يجعلها عرضة للإفلاس.
أنواع إفلاس الشركات وفق القانون السعودي
إن نظام الإفلاس السعودي يحدد مجموعة من الأنواع لإفلاس الشركات وكل منها له طريقة تعامل مختلفة عن الآخرى تلك هي الأنواع:
1, الإفلاس الكامل
في هذه الحالة تقدم الشركة كل الأوراق التي تثبت أنها غير قادرة على الوفاء بأي من ديونها ولا تغطية التزامتها والمحكمة تقر ذلك وعليه تقوم بـ:
- تعيين أمين إفلاس أو مصفي يقوم ببيع أصول الشركة.
- توزع الأموال المحصلة على الديانة كلٍ حسب الأولوية والأولوية تحددها المحكمة.
- يتم غلق الكيان بشكل نهائي وعدم رجوعه مرة أخرى أبداً.
-
الإفلاس الجزئي
يحدث عندما تتعثر الشركة مالياً ولكنها لديها جزء من الأموال يمكن سداد به ديونها، في تلك الحالة يتم اللجوء لإعادة التنظيم المالي بدلاً عن التصفية بشكل كامل وتتم على خطوات هي:
- تقوم الشركة بطلب إعادة تنظيم من المحكمة التجارية.
- تحاول الشركة جدولة ديونها بتسديدها على فترات بالاتفاق مع لجنة الإفلاس.
- يستمر النشاط التجاري وفقاً لخطة إعادة الهيكلة.
-
الإفلاس الاحتيالي
إنه يحدث عندما يعلن المدين إفلاسه عن قصد رغم أنه يملك أصول كافية أو عند قيامه بتصرفات احتيالية كإخفاء الأموال ونقل الأصل لشركة أخرى أو حتى تزوير الحسابات، الإجراءات القانونية ضده تكون:
- السجن أو الغرامة وفقاً لما يأتي عن النظام السعودي.
- إعادة الأصول التي تم نقلها أو إخفائها بشكل غير قانونية.
- حظر المالكين من إدارة أي عمل تجاري في المستقبل.
-
الإفلاس الوقائي
يحدث ذلك عندما يكن مالك الشركة قادر على استمرار العمل التجاري ولكنه يحتاج لوقت لسداد الدين، في تلك الحالة تتم الخطوات كالآتي:
- تقديم طلب تسوية وقائية للمحكمة.
- وضع خطة لجدولة الديون أو تقسيطها بالتفوض مع الدائن.
- تتابع المحكمة من خلال اللجنة نجاح الخطة من عدمها.
الحلول الممكنة قبل إعلان الإفلاس
هناك مجموعة من الحلول قبل القيام بالإعلان عن الإفلاس، وتلك الحلول تتمحور في الآتي:
- إفلاس الشركات قد يضر بسمعة الشركة فيفضل قيل ذلك التفاوض مع الدائنين حتى يقوموا بتمديد الفترة المسموح بها لعملية السداد.
- عمل خطط مالية والحد من النفقات المالية غير الضرورية التي قد تلجأ لها الشركة بين الحين والآخر.
- الإبتكار ومحاولة اختراع منتجات كل فترة تزيد من الإنتاجية والصرف على البحث والإبتكار لأن ذلك يحد من الإفلاس الناجم عن سوء الإبتكار.
- لا بد أن تخصص الشركة مجموعة من العوائد للتحول الرقمي وبالأخص في المنتجات التي تظهر يوم بعد الأخر.
- متابعة التشريعات الجديدة أول بأول وحتى التغيرات في السوق وتقديم منتجات إضافية.
- الاستعانة بمحامي شركات لمراجعة الوضع المالي وإيجاد حلول مبتكرة.
- التفاوض مع البنوك لتقوم بتعديل شروط القروض أو تمديد فترات السداد.
- التركيز على استراتيجيات تسويقية جديدة من شأنها زيادة الإيرادات.
- في حال وجدت معدات غير ضرورية يفضل بيعها لسداد الدين الذي له الأولوية.
- لا تضع أموال في تخزين زائد للبضاعة وأنت تواجه مشاكل مالية متعلقة بدفعات لم يتم تسديدها، حاول حصر المخزون وبيعه وسداد الدين ورواتب الموظفين.
- قم بتعيين خبراء ماليين واستشاريين ليعملوا على مراجعة القرارات الإدارية.
- يفضل اللجوء للإندماج أو الاستحواذ لتحافظ على استمراريتها.
- إبتكار طرق تشغيلية جديدة أو التوسع في التجارة الإلكترونية.
- تقديم خدمات ذات قيمة إضافية لتحسين رضى العميل لتحافظ بذلك على قاعدة العملاء وتزيد من ولائهم.
- قم بالبحث عن مستثمرين جدد أو زيادة رأس المال عبر إصدار الأسهم أو السندات.
إفلاس الشركات لا يعني النهاية المطلقة بل يمكن أن يكون فرصة لإعادة التقييم، التعلم من الأخطاء والعودة بشكل أقوى بالتخطيط السليم والإدارة الذكية، يمكن للشركات تجاوز الأزمات وتحويل الفشل إلى نقطة انطلاق جديدة