كيف تدير الشركات العائلية في السعودية التحديات وتحقق النجاح المستدام؟

لعلنا سمعنا عن مجموعة سابك، تلك الشركة الكبيرة الخاصة بالصناعات الكيميائية والبتروكيماوية، التي بدأت كمشروع عائلي بقيادة عائلة السعدي في بدايتها والآن أصبحت واحدة من أكبر شركات البتروكيماويات في العالم وليس في السوق السعودي وحده، وعند الحديث عن الشركات العائلية يبرز لن اسم مشهور أيضاً وهي شركة المراعي للألبان، واحدة من أكبر الشركات العائلية الناجحة التي تأسست على يد عائلة العجلان ومازالت العائلة تدير الشركة لتحقق إنجازات ضخمة في السوق العالمي والسوق السعودي.

الكثير من قصص النجاح الكبيرة ولدت على يد الشركات العائلية فأصبحت بذلك محرك قوي جداً لنمو الاقتصاد حيث تقدم فرص وتحقق الاستقرار، ومع هذا تواجه الشركات العائلية الكثير من التحديات كالخلافات التي قد تؤدي للصراعات والتحديات الخاصة بالإدارة والحوكمة، فإن كنت مقبل على تأسيس شركة عائلية فإليك هذه المقال التي تتناول أهم سمات الشركات العائلية والتحديات التي قد تقف أمامها وكيفية إدارة الخلافات، تعرف على التفاصيل.

تعريف الشركات العائلية 

من اسمها شركة عائلية أي يملك حصصها عائلة واحدة ويتم فيما بينهم توارث الإدارة والقرارات تكون من داخل العائلة وأفرادها هم قادة الشركة، لا تخرج هذا النوع من الشركات عن هذه الأنواع فما أن تكون:

• شركة مساهمة مغلقة

الأسهم هناك تقسم بين أفراد العائلة أو يتم تداولها بحسب رأس مال كل واحد فيهم ولا يسمح بأي حال من الأحوال تداول الأسهم في السوق، إنها أكثر تعقيد في الإدارة وتحتاج لتربة خصبة قانونية واضحة المعالم.

إن هذا النوع من الشركات مناسب أكثر لتلك الفئة التي ترغب في إدارة مرنة مع توسع أكبر دون السيطرة من الخارج.

• شركة تضامن 

تعرف شركة التضامن العائلية بأنها شركة مملوكة للعائلة ولكن بدون أي ديون قد لبقع على الشركاء تحمل مسؤولية بشكل كامل، وهذا النوع من الشركات يحدد عندما يكون هناك اتفاق بين أفراد العائلة ليتحدوا معاً ويتحملون المسؤولية بشكل جماعي.

• شركة توصية بسيطة 

إنها الشركة التي تتكون من شريكين، واحد منهم هو الأكثر خبرة فيستلم الإدارة وأما الآخر فهو يقدم المال دون تدخل في الربح وهو نوع مثالي إن كان طرف من العائلة لديه الخبرة والطرف الآخر لديه رأس المال ويثق فيه.

سمات الشركة العائلية 

متى يطلق على تلك الشركة أنها لقب عائلية، وذلك في حال توافر فيها مجموعة من السمات البارز وتلك السمات هي كالتالي:

• الملكية تذهب لأفراد العائلة والقرارات الاستراتيجية تكون بين أفرادها.

• الإدارة لا تذهب لأي فرد من الخارج بل يصبح الأكثر خبرة وكفاءة هو بمثابة مدير تنفيذي للشركة أو يتقاسمون الإدارة كلٍ في قسم.

•  عندما يتوفى أحد متخذي القرار الهام في الشركة يخرج لنا جيل جديد يتحمل المسؤولية ويقوم بتدريب الجيل الأقدم منه.

• القيم في تلك الشركات قيم قوية ويتمتع أفرادها في الغالب بالولاء والاستدامة والاهتمام بالمجتمع المحلي من حولهم لأنهم جزء منه.

• الشركات العائلية لا يهمها الربح السريع بل يهمها الاستدامة والمنافسة في السوق لتصبح  لها ترتيب وأسبقية في العمل.

• الحوكمة أي أن النظام القانوني والجزاءات غير مفعلة بشكلٍ كبير كما يحدث في الشركات العادية.

•  المرونة في توزيع المناصب فقد يتولى هذا الشخص إدارة منصب معين وقد يجد الأفراد الأكثر خبرة أنه غير جدير بهذا المنصب فيقرروا نقله لمنصب آخر مناسب.

• القرارات العائلية تتخذ بسرعة مقارنة بالشركات العامة.

التحديات التي تواجه الشركات العائلية 

على الرغم من القوة التي تتمتع بها تلك الشركات، ألا أنها تواجه مجموعة التحديات التي قد تؤثر على استمراراها، فهل تعرف تلك التحديات وكيف تتغلب عليها إن كنت مقبل على افتتاح شركة عائلية، إليك:

1.الخلافات العائلية 

واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه تلك الشركات هي الخلافات وبالأخص على تولي المناصب الهامة والتي في بعض الأحيان تؤدي لتعطيل سير العمل وتدهور العلاقات العائلية.

الحل:

الحل يكمن في مجموعة من الحلول التي تبرز من الآتي:

• إعداد ميثاق عائلي موضح فيه المبادئ التي تتبعها الشركة، كذلك أدوار الأفراد والمسؤوليات لكل واحد منهم ووضع بنود للتوريث بشكل واضح.

• استخدام التحكيم أو الوساطة في حال نتج عن الأمر نزاع، الأهم هو ألا يذهب الأمر للقضاء.

2. الغموض في التخطيط للميراث 

ليس هناك أي خطة واضحة للتوريث أو اختبار القادة الذين يمكنهم تولي منصب الإدارة وقد يكون هناك أفضلية لشخص غير مؤهل على حساب شخص آخر مؤهل وفي العادة الأمر يؤدي لإنهيار الشركة إن لم يكن هناك خطة واضحة.

الحل:

• وضع خطة واضحة المعالم للجيل الأصغر الذي سيتولى المناصب داخل الشركة وإعداده وتدريبه حتى يستوفي الشروط فيما بعد.

• الاستعانة بمحامي تركات لإعداد خطة التوريث كما يمكن استشارة مستشارين خارجيين لمساعدة العائلة على اختيار قائد مناسب ووضع خطة متفق عليها.

3. الخلط بين الأعمال العائلية والشخصية

الحوكمة التنظيمية داخل الشركة ليست عادلة على الإطلاق لأن هناك خلط كبير بين الأمور التجارية وتلك المتعلقة بالأعمال التجارية من جهة أخرى وهذا الخلط يؤدي لاتخاذ قرارات ليست في محلها.

الحل:

بمعاونة محامي مستشار يمكن وضع نظام حوكمة واضح واي خلاف عليها يعاقب الشخص باستئصال جزء من حصته أو دفع مبلغ مالي، ويمكن أيضاً تعيين مجلس إدارة مستقل يساعد في إدارة القرارات التجارية بعيداً عن التدخلات العائلية.

4. التحديات المالية وعدم توفر رأس المال

عند التوسع قد يواجه الأفراد تحديات في توفير رأس المال اللازم للتوسع، فالاستعانة بمستثمر من الخارج يمكن أن يجعله أكثر تحكم في الشركة وقد لا يوافق الشركاء العائلين على إدخال فرد جديد.

الحل:

• اللجوء للاقتراض البنكي بضمان نجاح الشركة حيث عليهم تقديم ما يثبت أن الشركة لديها نجاحات كبيرة.
•  محاولة اقناع أفراد العائلة بإدخال المزيد من الشركاء وأن ذلك في مصلحتهم حتماً لأن ذلك سيزيد حصصهم المالية بشكلٍ كبير مع وضع بنود محددة للمستثمرين الجدد تحد من صلاحيتهم إن كانت المشكلة في الصلاحيات.

5. مقاومة التغيير والابتكار

بعض الشركات العائلية لا تتسم بالرتابة ولا تواكب السوق الساعي للتغيير وتعمل بتقنيات تقليدية وهو ما يؤثر على قدراتها على التكيف أو الابتكار في السوق.

الحل:

• على الأكثر خبرة في الأمور التكنولوجية بين أفراد العائلة إعطاء حافز قوي لإدخال التقنيات الحديثة، فيمكن التحدث مع أفراد العائلة أن هذه التقنيات ستحدث فارق وستقلل التكاليف، أي عليك استعراض العائد المادي من الاستعانة بتلك التقنيات.

• يمكن الاستعانة بالمستشارين التقنيين حتى يقدموا المشورة في كيفية دمج الابتكار مع العمل بشكل يشمل التوسع والنمو.

7. التحديات التنظيمية والقانونية 

إن بعض الشركات العائلية تواجه تحديات تتعلق بشكل كبير بالقوانين المحلية وبالأخص القوانين المتعلقة بالضرائب وتوزيع الأسهم والورثة أيضاً.

الحل:

التعاون مع مستشارين قانونيين ومحامين حتى يتم وضع نظام قانوني مناسب للشركة، بما في ذلك المساعدة في تقسيم الملكية والامتثال للنظام المحلي، إنشاء ميثاق عائلي قانوني حتى يضمن اللوائح والقوانين التي تحكم عملية التوريث واتخاذ القرارات.

الإطار القانوني لنظام الشركات العائلية 

الإطار القانوني للشركات العائلية هو الستارة التي تحمى فيها هذا النوع من الشركات وهي في العادة تخضع لهذا النظام:

1. نظام الشركات السعودي

ليست جميع أنواع الشركات ولكن الشركات العائلية، إما شركة مساهمة فتخضع لقوانين الشركات المساهمة المغلقة أو أنها شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة تضامن أو حتى شركة توصية بسيطة.

2. قوانين التركات والمواريث 

بعد أن يتوفى الأعضاء يجد أفراد العائلة صعوبة في عملية نقل المواريث، في هذا السياق تلجأ العائلة لقوانين المواريث والتركات التي تنظم توزيع التركات والأسهم والممتلكات وفقاً لما جاؤ في الشريعة الإسلامية، على أن يتم اتباع خطوات واضحة للتوزيع وتحديد من يتولى القيادة.

3. المحاسبة والرقابة المالية 

على الرغم من أن الشركات العائلية أقل تنظيماً في مسألة مثل الرقابة المالية والمحاسبية إلا أن المملكة تفرض:

• ضرورة تطبيق معايير المحاسبة الدولية.
• قيام الشركات العائلية بتعيين مراجعين خارجيين لضمان الشفافية المالية.

4. قانون المنافسة وحماية الأعمال العائلية

من المهم أن تدرك الشركات العائلية القوانين التي تحمي المنافسة العادلة حيث تضع الحكومة السعودية قوانين تهدف إلى حماية الشركات من التنافس غير العادل الذي قد ينشأ من ممارسات غير قانونية وهذا يشمل القوانين الخاصة بحقوق المستهلكين وحماية الملكية الفكرية التي قد تكون جزءًا من أعمال الشركات العائلية.

6. اللوائح التنظيمية الخاصة بالشركات العائلية

تتضمن اللوائح التنظيمية في السعودية ما يتعلق بـ الترخيص التجاري، إجراءات التسجيل، و التخطيط الضريبي الخاص بالشركات العائلية، كما تلتزم هذه الشركات بالإبلاغ السنوي عن الأنشطة التجارية والالتزام بـ قانون العمل السعودي فيما يخص حقوق العمال والمزايا التي توفرها الشركات العائلية لموظفيها.