في الكثير من الأحيان نتعرض لمواقف تتطلب تدخل قانوني سريع، إن كنا نحمل ارقام محامين موثقين، على الفور نتصل بهم، نظن أن الأمر معقد ويستغرق الكثير من الوقت، ولكن في أثناء الحديث يشرح لنا المحامي اجراءات التحكيم، هل التحكيم هو بديل سريع عن المحاكم العادية، هل هو الأفضل في حالات قضايا تتطلب السرية والحفاظ على الخصوصية، متى نحتاج أن نطلب تحكيم ومتى نحتاج المحاكم العادية، من الجهات المختصة عن التحكيم وما الإطار القانوني الذي يمنحنا الاستقلالية القانونية، الكثير من التفاصيل ترويها لنا السطور القادمة.
ما هو التحكيم
التحكيم هو أحد الإجراءات القانونية التي تستخدم لحل نزاع ما بين العديد من الأطراف دون أن يصل الأمر للمحكمة، حيث يعين محكم أو من خلال هيئة مستقلة هي من تتولى الأمر، تعمل بمثابة محكمة ولكنها مستقلة وتقوم بإصدار حكم ملزم للطرفين بناءً على ملبسات القضية المعروضة أمامها.
أهمية التحكيم في السعودية
للتحكيم مزايا للأفراد، تتمثل في السرعة والسرية وكذلك العدالة، السرعة لأنك لن تضطر للجوء للمحكمة التي تستغرق الكثير من الوقت والإجراءات الروتينية المملة والمعقدة، الجلسات والقرارات تحدد مواعيدها بسرعة بالمقارنة مع التقاضي التقليدي.
في العادة المحاكم التقليدية ليست سرية بشكل كامل، على عكس التحكيم الذي يقضى بشكل سري بين الأطراف دون كشف أي نوع من التفاصيل الخاصة بالقضية وبتالي فإنه مناسب جداً للنزاعات الاستثمارية والتجارية لأن الأطراف في تلك الحالة لا تفضل أن تكشف عن هويتها.
اجراءات التحكيم تضمن الإدارة الكاملة للأفراد حيث بإمكانهم اختيار عدد المحكمين وكذلك مكان التحكيم وأيضاً اللغة المستخدمة، إن لديهم كامل الحرية في اختيار محكمين متخصصين، فمثلاً إن كان النزاع استثماري فبالإمكان أن يكون المحكمين مختصين في الاستثمار.
إنه ايضاً إلزمي وقابل للتنفيذ كالحكم القضائي ويتم من خلال محاكم التنفيذ، إنه وسيلة أمنة لضمان استمرارية العمل التجاري دون توقف، أي أنه يساعد في تحسين بيئة العمل، كما يعد عامل جذب كبير لأنه يمنح الأجانب الثقة الكبيرة في المحاكم ويضمن العدالة والحيادية التامة.
الإطار القانوني للتحكيم في المملكة العربية السعودية
النظام السعودي هو أحد الرواد الذين اهتموا باجراءات التحكيم ، وضع حجر الأساس لهذا النظام وبني على مجموعة من المكونات منها اللوائح وكذلك القوانين بهدف تنظيم عملية التحكيم وضمان الفعالية والعدالة، وفيما يلي نظرة عن كثب عليها:
1. نظام التحكيم السعودي
يهدف النظام إلى تنظيم عملية التحكيم داخل المملكة بما يتماشى مع الممارسات الدولية، أي لهم حرية الاختيار الخاصة بالمحكمين وتحديد القواعد الإجرائية ويشترط عدم مخالفة الشريعة الإسلامية.
2. اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم
اللائحة التنفيذية هي أحد الأطر القانونية للنظام، تضمن اللائحة تفاصيل حول التعيين للمحاكمين وكذلك اجراءات التحكيم والصلاحيات الخاصة بهيئة التحكيم وشروط التي يجب أن يتسم بها المحكم والتي في العادة تشمل الأهلية الكاملة وحسن السير والسلوك.
3. المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA)
المركز الذي تأسس بقرار رقم 257 لمجلس الوزراء ليكون أحد الجهة المتخصصة في إدارة إجراءات التحكيم داخل المملكة، يقدم المركز خدمة التحكيم و الوساطة لتسوية النزاعات المدنية والتجارية وفقاً لإجراءات وقواعد محددة، يتسم المركز بالاستقلالية الكاملة والحيادية التامة.
4. اتفاقية نيويورك للاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية
من الوقت الذي انضمت فيه المملكة لاتفاقية نيويورك في العام 1994 فإن لديها الحق الكامل في تنفيذ اجراءات التحكيم الأجنبي داخل المملكة، إنها تعترف وتلتزم بتنفيذ قرارات التحكيم التي صدرت من دول أخرى بشرط وهو عدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية أو حتى النظام العام في المملكة.
5. دور المحاكم السعودية
تقوم المحاكم في السعودية بعملية المراجعة وراء محاكم الاستئناف حيث أنها تعين المحكمين وكذلك تفصل في طلبات بطلان أحكام التحكيم، القضاء السعودي يحترم وبشكل كبير تلك الأحكام ويدخل في أضيق الحدود ليضمن سير العملية التحكيمية.
اجراءات التحكيم في السعودية خطوة بخطوة
اجراءات التحكيم في السعودية تخضع لنظام التحكيمويشرف عليها المركز السعودي للتحكيم التجاري والإجراءات التفصيلية له خطوة بخطوة هي:
1. تقديم طلب التحكيم
أول خطوة من اجراءات التحكيم هي رفع دعوى قانونية ضد الطرف الآخر من قبل المدعي الذي يقوم بدوره في تقديم طلب تحكيم لدى المركز السعودي للتحكيم التجاري أو يقدمها لهيئة تحكيم مستقلة ويحوي الطلب على:
- اسم وعنوان أطراف النزاع.
- ملخص شامل للمطالبات والنزاع.
- نسخة من اتفاق التحكيم وهو عبارة عن مستند يوافق فيه الطرفين اللجوء للتحكيم.
- تعيين المحكمين إن كان هناك اتفاق مسبق.
- دفع رسوم التسجيل.
2. إخطار الطرف الآخر
بعد تقديم طلب التحكيم يعمل المركز السعودي للتحكيم بإبلاغ المدعى عليه كما يعطي له فرصة للرد، الرد يجب أن يكون كتابياً خلال فترة من 15 لـ 30 يوماً وبإمكانه إما القبول والمشاركة في الإجراءات أو الطعن في الاختصاص بهيئة التحكيم أو يقدم دفوعه أو اعتراضه عليها.
3. تشكيل هيئة التحكيم
يتم تعين المحكمين إما بناءً على اتفاق الأفراد أو وفقاً لقواعد يحددها المركز السعودي للتحكيم التجاري، وتتكون هيئة التحكيم من:
- محكم فرد.
- ثلاثة محكمين، واحد من كل طرف والثالث من طرف المركز.
4. الجلسة الإجرائية الأولية
الخطوة الرابعة في اجراءات التحكيم هي عقد الجلسات الأولية سواء كانت من خلال الحضور أو عبر الإنترنت ليتم مناقشة الأمور الإجرائية مثل:
- تحديد المكان واللغة للتحكيم.
- يتم الاتفاق على جدول زمني للإجراءات.
- تحدد القاعدة التي سيتم اتباعها للإجراءات.
5. تقديم المذكرات والأدلة
المدعي يقدم مذكرة تفصيلية كامل تضم، مطالبة قانونية وأدلة سواء كانت عقود أم تقارير أم خبراء، يستطيع كل طرف تقديم مستندات إضافية أو حتى شهود تدعم موقفه.
6. جلسات الاستماع والمرافعات
تحدد موعد لجلسات الاستماع في حال طلب الأمر ذلك ويقدم من خلالها، أدلة شفهية سواء من خبراء أو شهود، يقدم أيضاً استجواب من خلال هيئة التحكيم وفي النهاية تقدم المرافعات النهائية من الطرفين.
7. إغلاق القضية وإعلان انتهاء الجلسات
يعد تقديم كل الأدلة والمرافعات تقوم المحكمة بالسؤال عن أي مستندات أخرى أو أي معلومات أخرى، وفي حال لم يكن هناك أي شيئ إضافي تغلق القضية بشكل كامل.
8. إصدار حكم التحكيم
تصدر هيئة المحكمة الحكم خلال 60 يوم من إنهاء الجلسة وذلك في حال لم تتفق الأطراف على مدة أطول ويكون الحكم أولاً مكتوب بشكلٍ واضح، موقع من كافة الأطراف، يكون الحكم نهائي وملزم ولا يطعن فيه بأية حال من الأحوال.
9. تنفيذ حكم التحكيم
في حال رفض أحد الأطراف الحكم فيتم التوجه للمحكمة في السعودية للحصول على أمر تنفيذ الحكم ضد الطرف المعترض وفي الغالب يكن الخاسر في القضية.
الطعن في الحكم يتم من خلال محكمة الاستئناف وذلك في حالات مثل:
- اتفاق تحكيم غير صحيح.
- تجاوزت الهيئة الصلاحيات.
- في حال لم يعطي طرف فرصة عادلة ليدافع عن حقوقه.
- إذا كان الحكم يتعارض مع النظام العام في السعودية.
تكلفة التحكيم في السعودية
قد يتساءل البعض عن التكاليف الخاصة بعملية التحكيم وفي الحقيقة هناك عوامل كثيرة تتداخل في تلك العملية وهي كالتالي:
- رسوم إدارية تدفع للمركز المشرف على عملية التحكيم نفسه، الرسوم تحدد بناءً على قيمة النزاع التجاري.
- أتعاب المحكمين وهي تحدد بناءً على مجموعة من المعايير، منها قيمة النزاع وحجم القضية والخيرة الخاصة بالمحكمين وكذلك مؤهلاتهم، هناك حد أدنى وحد أعلى.
- نفقات السفر أو الإقامة للمحكمين إن لزم الأمر.
- تكاليف الاستئجار للقاعات الخاصة بالجلسات.
- أتعاب كلٍ من الخبراء أو حتى المترجمين إن وجودا.
يتحمل كلا الطرفين التكاليف بالنصف خلال سير الإجراءات، يقوم المدعي بدفع رسوم التسجيل عند تقديم طلب التحكيم كما يضاف تلك الرسوم لحصته من التكاليف.
الهيئة الخاصة باجراءات التحكيم هي وحدها من تحدد الأطراف التي تتحمل التكلفة بالشكل النهائي، وفي العادة الطرف الخاسر يتحمل جميع التكاليف ومنها الإجراءات الخاصة بالتحكيم.
أسئلة شائعة حول التحكيم في السعودية
1. هل التحكيم إلزامي أم اختياري؟
التحكيم هو إجراء اختياري يعتمد على اتفاق الأطراف، إلا في بعض الحالات التي يكون فيها شرط التحكيم منصوص عليه في العقود التجارية.
2. هل يمكن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في السعودية؟
نعم، بشرط أن تكون متوافقة مع نظام التنفيذ السعودي وألا تخالف النظام العام.
3. ما الفرق بين اجراءات التحكيم الحر والتحكيم المؤسسي؟
التحكيم الحر يتم وفق اتفاق خاص بين الأطراف، بينما التحكيم المؤسسي يخضع لقواعد مركز تحكيم معترف به.
4. هل يمكن الطعن في حكم التحكيم؟
يمكن الطعن فقط في حالات البطلان مثل مخالفة النظام العام أو تجاوز الصلاحيات.
5. ما هي الجهات المختصة بتنفيذ أحكام التحكيم؟
تختص محاكم التنفيذ في المملكة بتنفيذ أحكام التحكيم الصادرة داخل المملكة أو خارجها وفقًا للأنظمة المعمول بها.